القرآن الكريم » تفسير القرطبي » سورة يونس
الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1) (يونس) 

سُورَة يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام مَكِّيَّة فِي قَوْل الْحَسَن وَعِكْرِمَة وَعَطَاء وَجَابِر . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس إِلَّا ثَلَاث آيَات مِنْ قَوْله تَعَالَى : " فَإِنْ كُنْت فِي شَكّ " [ يُونُس : 94 ] إِلَى آخِرهنَّ . وَقَالَ مُقَاتِل : إِلَّا آيَتَيْنِ وَهِيَ قَوْله : " فَإِنْ كُنْت فِي شَكّ " نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ . وَقَالَ الْكَلْبِيّ : مَكِّيَّة إِلَّا قَوْله : " وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِن بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِن بِهِ " [ يُونُس : 40 ] نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ فِي الْيَهُود . وَقَالَتْ فِرْقَة : نَزَلَ مِنْ أَوَّلهَا نَحْو مِنْ أَرْبَعِينَ آيَة بِمَكَّة وَبَاقِيهَا بِالْمَدِينَةِ .
قَالَ النَّحَّاس : قُرِئَ عَلَى أَبِي جَعْفَر أَحْمَد بْن شُعَيْب بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن حُرَيْث قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيد أَنَّ عِكْرِمَة حَدَّثَهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس : الر , وحم , وَنُون حُرُوف الرَّحْمَن مُفَرَّقَة ; فَحَدَّثْت بِهِ الْأَعْمَش فَقَالَ : عِنْدك أَشْبَاه هَذَا وَلَا تُخْبِرنِي بِهِ ؟ . وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا قَالَ : " الر " أَنَا اللَّه أَرَى . قَالَ النَّحَّاس : وَرَأَيْت أَبَا إِسْحَاق يَمِيل إِلَى هَذَا الْقَوْل ; لِأَنَّ سِيبَوَيْهِ قَدْ حَكَى مِثْله عَنْ الْعَرَب وَأَنْشَدَ : بِالْخَيْرِ خَيْرَات وَإِنْ شَرًّا فا وَلَا أُرِيد الشَّرّ إِلَّا أَنْ تا وَقَالَ الْحَسَن وَعِكْرِمَة : " الر " قَسَم . وَقَالَ سَعِيد عَنْ قَتَادَة : " الر " اِسْم السُّورَة ; قَالَ : وَكَذَلِكَ كُلّ هِجَاء فِي الْقُرْآن . وَقَالَ مُجَاهِد : هِيَ فَوَاتِح السُّوَر . وَقَالَ مُحَمَّد بْن يَزِيد : هِيَ تَنْبِيه , وَكَذَا حُرُوف التَّهَجِّي . وَقُرِئَ " الر " مِنْ غَيْر إِمَالَة . وَقُرِئَ بِالْإِمَالَةِ لِئَلَّا تُشْبِه مَا وَلَا مِنْ الْحُرُوف .
اِبْتِدَاء وَخَبَر ; أَيْ تِلْكَ الَّتِي جَرَى ذِكْرهَا آيَات الْكِتَاب الْحَكِيم . قَالَ مُجَاهِد وَقَتَادَة : أَرَادَ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالْكُتُب الْمُتَقَدِّمَة ; فَإِنَّ " تِلْكَ " إِشَارَة إِلَى غَائِب مُؤَنَّث . وَقِيلَ : " تِلْكَ " بِمَعْنَى هَذِهِ ; أَيْ هَذِهِ آيَات الْكِتَاب الْحَكِيم . وَمِنْهُ قَوْل الْأَعْشَى : تِلْكَ خَيْلِي مِنْهُ وَتِلْكَ رِكَابِي هُنَّ صُفْر أَوْلَادهَا كَالزَّبِيبِ أَيْ هَذِهِ خَيْلِي . وَالْمُرَاد الْقُرْآن وَهُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ لِلْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَة ذِكْر , وَلِأَنَّ " الْحَكِيم " مِنْ نَعْت الْقُرْآن . دَلِيله قَوْله تَعَالَى : " الر كِتَاب أُحْكِمَتْ آيَاته " [ هُود : 1 ] وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى فِي أَوَّل سُورَة " الْبَقَرَة " . وَالْحَكِيم : الْمُحْكَم بِالْحَلَالِ وَالْحَرَام وَالْحُدُود وَالْأَحْكَام ; قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَة وَغَيْره . وَقِيلَ : الْحَكِيم بِمَعْنَى الْحَاكِم ; أَيْ إِنَّهُ حَاكِم بِالْحَلَالِ وَالْحَرَام , وَحَاكِم بَيْن النَّاس بِالْحَقِّ ; فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِل . دَلِيله قَوْله : " وَأَنْزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَاب بِالْحَقِّ لِيَحْكُم بَيْن النَّاس فِيمَا اِخْتَلَفُوا فِيهِ " [ الْبَقَرَة : 213 ] . وَقِيلَ : الْحَكِيم بِمَعْنَى الْمَحْكُوم فِيهِ ; أَيْ حَكَمَ اللَّه فِيهِ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى , وَحَكَمَ فِيهِ بِالنَّهْيِ عَنْ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر , وَبِالْجَنَّةِ لِمَنْ أَطَاعَهُ وَبِالنَّارِ لِمَنْ عَصَاهُ ; فَهُوَ فَعِيل بِمَعْنَى الْمَفْعُول ; قَالَهُ الْحَسَن وَغَيْره . وَقَالَ مُقَاتِل : الْحَكِيم بِمَعْنَى الْمُحْكَم مِنْ الْبَاطِل لَا كَذِب فِيهِ وَلَا اِخْتِلَاف ; فَعِيل بِمَعْنَى مُفْعَل , كَقَوْلِ الْأَعْشَى يَذْكُر قَصِيدَته الَّتِي قَالَهَا : وَغَرِيبَة تَأْتِي الْمُلُوك حَكِيمَة قَدْ قُلْتهَا لِيُقَالَ مَنْ ذَا قَالَهَا
قَالَ النَّحَّاس : قُرِئَ عَلَى أَبِي جَعْفَر أَحْمَد بْن شُعَيْب بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن حُرَيْث قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيد أَنَّ عِكْرِمَة حَدَّثَهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس : الر , وحم , وَنُون حُرُوف الرَّحْمَن مُفَرَّقَة ; فَحَدَّثْت بِهِ الْأَعْمَش فَقَالَ : عِنْدك أَشْبَاه هَذَا وَلَا تُخْبِرنِي بِهِ ؟ . وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا قَالَ : " الر " أَنَا اللَّه أَرَى . قَالَ النَّحَّاس : وَرَأَيْت أَبَا إِسْحَاق يَمِيل إِلَى هَذَا الْقَوْل ; لِأَنَّ سِيبَوَيْهِ قَدْ حَكَى مِثْله عَنْ الْعَرَب وَأَنْشَدَ : بِالْخَيْرِ خَيْرَات وَإِنْ شَرًّا فا وَلَا أُرِيد الشَّرّ إِلَّا أَنْ تا وَقَالَ الْحَسَن وَعِكْرِمَة : " الر " قَسَم . وَقَالَ سَعِيد عَنْ قَتَادَة : " الر " اِسْم السُّورَة ; قَالَ : وَكَذَلِكَ كُلّ هِجَاء فِي الْقُرْآن . وَقَالَ مُجَاهِد : هِيَ فَوَاتِح السُّوَر . وَقَالَ مُحَمَّد بْن يَزِيد : هِيَ تَنْبِيه , وَكَذَا حُرُوف التَّهَجِّي . وَقُرِئَ " الر " مِنْ غَيْر إِمَالَة . وَقُرِئَ بِالْإِمَالَةِ لِئَلَّا تُشْبِه مَا وَلَا مِنْ الْحُرُوف .
اِبْتِدَاء وَخَبَر ; أَيْ تِلْكَ الَّتِي جَرَى ذِكْرهَا آيَات الْكِتَاب الْحَكِيم . قَالَ مُجَاهِد وَقَتَادَة : أَرَادَ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالْكُتُب الْمُتَقَدِّمَة ; فَإِنَّ " تِلْكَ " إِشَارَة إِلَى غَائِب مُؤَنَّث . وَقِيلَ : " تِلْكَ " بِمَعْنَى هَذِهِ ; أَيْ هَذِهِ آيَات الْكِتَاب الْحَكِيم . وَمِنْهُ قَوْل الْأَعْشَى : تِلْكَ خَيْلِي مِنْهُ وَتِلْكَ رِكَابِي هُنَّ صُفْر أَوْلَادهَا كَالزَّبِيبِ أَيْ هَذِهِ خَيْلِي . وَالْمُرَاد الْقُرْآن وَهُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ لِلْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَة ذِكْر , وَلِأَنَّ " الْحَكِيم " مِنْ نَعْت الْقُرْآن . دَلِيله قَوْله تَعَالَى : " الر كِتَاب أُحْكِمَتْ آيَاته " [ هُود : 1 ] وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى فِي أَوَّل سُورَة " الْبَقَرَة " . وَالْحَكِيم : الْمُحْكَم بِالْحَلَالِ وَالْحَرَام وَالْحُدُود وَالْأَحْكَام ; قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَة وَغَيْره . وَقِيلَ : الْحَكِيم بِمَعْنَى الْحَاكِم ; أَيْ إِنَّهُ حَاكِم بِالْحَلَالِ وَالْحَرَام , وَحَاكِم بَيْن النَّاس بِالْحَقِّ ; فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِل . دَلِيله قَوْله : " وَأَنْزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَاب بِالْحَقِّ لِيَحْكُم بَيْن النَّاس فِيمَا اِخْتَلَفُوا فِيهِ " [ الْبَقَرَة : 213 ] . وَقِيلَ : الْحَكِيم بِمَعْنَى الْمَحْكُوم فِيهِ ; أَيْ حَكَمَ اللَّه فِيهِ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى , وَحَكَمَ فِيهِ بِالنَّهْيِ عَنْ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر , وَبِالْجَنَّةِ لِمَنْ أَطَاعَهُ وَبِالنَّارِ لِمَنْ عَصَاهُ ; فَهُوَ فَعِيل بِمَعْنَى الْمَفْعُول ; قَالَهُ الْحَسَن وَغَيْره . وَقَالَ مُقَاتِل : الْحَكِيم بِمَعْنَى الْمُحْكَم مِنْ الْبَاطِل لَا كَذِب فِيهِ وَلَا اِخْتِلَاف ; فَعِيل بِمَعْنَى مُفْعَل , كَقَوْلِ الْأَعْشَى يَذْكُر قَصِيدَته الَّتِي قَالَهَا : وَغَرِيبَة تَأْتِي الْمُلُوك حَكِيمَة قَدْ قُلْتهَا لِيُقَالَ مَنْ ذَا قَالَهَا
كتب عشوائيه
- كيف تلقي خطبة أو كلمة مؤثرة؟كيف تلقي خطبة أو كلمة مؤثرة؟: هذا الكتاب خلاصة خبرة المؤلف لسنوات عديدة، وحضوره دورات، وقراءة كتب كثيرة في هذا المجال، وقد حاول المؤلف اختصار طريقة الإلقاء بأسلوب سهل ومبسط لجميع الفئات، مع ذكر الأمثلة التطبيقية العملية حتى يسهل على القارئ ممارسة الإلقاء بيسر وسهولة.
المؤلف : أمين بن عبد الله الشقاوي
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/332990
- حقوق دعت إليها الفطرة وقررتها الشريعةحقوق دعت إليها الفطرة وقررتها الشريعة: قال المصنف - رحمه الله -: «فإن من محاسن شريعة اللّه تعالى مراعاة العدل وإعطاء كل ذي حق حقه من غير غلو ولا تقصير .. فقد أمر اللّه بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. وبالعدل بعثت الرسل وأنزلت الكتب وقامت أمور الدنيا والآخرة. والعدل إعطاء كل ذي حق حقه وتنزيل كل ذي منزلة منزلته ولا يتم ذلك إلا بمعرفة الحقوق حتى تعطى أهلها، ومن ثم حررنا هذه الكلمة في بيان المهم من تلك الحقوق؛ ليقوم العبد بما علم منها بقدر المستطاع، ويتخلص ذلك فيما يأتي: 1 - حقوق اللّه تعالى. 2 - حقوق النبي - صلى الله عليه وسلم -. 3 - حقوق الوالدين. 4 - حقوق الأولاد. 5 - حقوق الأقارب. 6 - حقوق الزوجين. 7 - حقوق الولاة والرعية. 8 - حقوق الجيران. 9 - حقوق المسلمين عمومًا. 10 - حقوق غير المسلمين. وهذه هي الحقوق التي نريد أن نتناولها بالبحث على وجه الاختصار».
المؤلف : محمد بن صالح العثيمين
الناشر : موقع الشيخ محمد بن صالح العثيمين http://www.ibnothaimeen.com - موقع الإسلام http://www.al-islam.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/76548
- عقيدة التوحيدعقيدة التوحيد: كتاب في علم التوحيد، وقد راعى فيه المؤلف الاختصار مع سهولة العبارة، ومما لا شك فيه أن علم العقيدة الإسلامية هو العلم الأساسي الذي تجدر العناية به تعلمًا وتعليمًا وعملاً بموجبه؛ لتكون الأعمال صحيحة مقبولة عند الله - سبحانه وتعالى - نافعة للعاملين.
المؤلف : صالح بن فوزان الفوزان
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/2071
- التبرج وخطر مشاركة المرأة للرجل في العملالتبرج وخطر مشاركة المرأة للرجل في العمل: بيان خطر تبرج المرأة وبيان أن ذلك من المنكرات العظيمة والمعاصي الظاهرة، وبيان خطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله، وأنه مُصَادِم لنصوص الشريعة.
المؤلف : عبد العزيز بن عبد الله بن باز
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1914
- شرح كشف الشبهات [ عبد العزيز الراجحي ]كشف الشبهات : رسالة نفيسة كتبها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وهي عبارة عن سلسلة شبهات للمشركين وتفنيدها وإبطالها، وفيها بيان توحيد العبادة وتوحيد الألوهية الذي هو حق الله على العباد، وفيها بيان الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية والعبادة، وقد قام عدد من أهل العلم بشرحها وبيان مقاصدها، وفي هذه الصفحة تفريغ لدروس فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي - حفظه الله -.
المؤلف : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/305090