القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة الأنعام
وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52) (الأنعام) 

وَقَوْله تَعَالَى " وَلَا تَطْرُد الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ يُرِيدُونَ وَجْهه " أَيْ لَا تُبْعِد هَؤُلَاءِ الْمُتَّصِفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَات عَنْك بَلْ اِجْعَلْهُمْ جُلَسَاءَك وَأَخِصَّاءَكَ كَقَوْلِهِ " وَاصْبِرْ نَفْسك مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ يُرِيدُونَ وَجْهه وَلَا تَعْدُ عَيْنَاك عَنْهُمْ تُرِيد زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبه عَنْ ذِكْرنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْره فُرُطًا " وَقَوْله " يَدْعُونَ رَبّهمْ " أَيْ يَعْبُدُونَهُ وَيَسْأَلُونَهُ " بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ" قَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَمُجَاهِد وَالْحَسَن وَقَتَادَة الْمُرَاد بِهِ الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وَهَذَا كَقَوْلِهِ " وَقَالَ رَبّكُمْ اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ " أَيْ أَتَقَبَّل مِنْكُمْ وَقَوْله " يُرِيدُونَ وَجْهه " أَيْ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ الْعَمَل وَجْه اللَّه الْكَرِيم وَهُمْ مُخْلِصُونَ فِيمَا هُمْ فِيهِ مِنْ الْعِبَادَات وَالطَّاعَات وَقَوْله " مَا عَلَيْك مِنْ حِسَابهمْ مِنْ شَيْء وَمَا مِنْ حِسَابك عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْء " كَقَوْلِ نُوح عَلَيْهِ السَّلَام فِي جَوَاب الَّذِينَ " قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَك وَاتَّبَعَك الْأَرْذَلُونَ قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ إِنْ حِسَابهمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ " أَيْ إِنَّمَا حِسَابهمْ عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَ عَلَيَّ مِنْ حِسَابهمْ مِنْ شَيْء كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِمْ مِنْ حِسَابِي مِنْ شَيْء وَقَوْله " فَتَطْرُدهُمْ فَتَكُون مِنْ الظَّالِمِينَ " أَيْ إِنْ فَعَلْت هَذَا وَالْحَالَة هَذِهِ قَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا أَسْبَاط هُوَ اِبْن مُحَمَّد حَدَّثَنِي أَشْعَث عَنْ كُرْدُوس عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : مَرَّ الْمَلَأ مِنْ قُرَيْش عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ وَعِنْده خَبَّاب وَصُهَيْب وَبِلَال وَعَمَّار فَقَالُوا : يَا مُحَمَّد أَرَضِيت بِهَؤُلَاءِ ؟ فَنَزَلَ فِيهِمْ الْقُرْآن " وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبّهمْ " إِلَى قَوْله" أَلَيْسَ اللَّه بِأَعْلَم بِالشَّاكِرِينَ " وَرَوَاهُ اِبْن جَرِير مِنْ طَرِيق أَشْعَث عَنْ كُرْدُوس عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : مَرَّ الْمَلَأ مِنْ قُرَيْش بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ وَعِنْده صُهَيْب وَبِلَال وَعَمَّار وَخَبَّاب وَغَيْرهمْ مِنْ ضُعَفَاء الْمُسْلِمِينَ فَقَالُوا : يَا مُحَمَّد أَرَضِيت بِهَؤُلَاءِ مِنْ قَوْمك ؟ أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ مَنَّ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْننَا ؟ أَنَحْنُ نَصِير تَبَعًا لِهَؤُلَاءِ ؟ اُطْرُدْهُمْ فَلَعَلَّك إِنْ طَرَدْتهمْ أَنْ نَتَّبِعك فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة " وَلَا تَطْرُد الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ يُرِيدُونَ وَجْهه - وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضهمْ بِبَعْضٍ " إِلَى آخِر الْآيَة وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا اِبْن سَعِيد بْن يَحْيَى بْن سَعِيد الْقَطَّان حَدَّثَنَا عَمْرو بْن مُحَمَّد الْعَنْقَزِيّ حَدَّثَنَا أَسْبَاط بْن نَصْر عَنْ السُّدِّيّ عَنْ أَبِي سَعِيد الْأَزْدِيّ - وَكَانَ قَارِئ الْأَزْد - عَنْ أَبِي الْكَنُود عَنْ خَبَّاب فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " لَا تَطْرُد الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ " قَالَ جَاءَ الْأَقْرَع بْن حَابِس التَّمِيمِيّ وَعُيَيْنَة بْن حِصْن الْفَزَارِيّ فَوَجَدُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ صُهَيْب وَبِلَال وَعَمَّار وَخَبَّاب قَاعِدًا فِي نَاس مِنْ الضُّعَفَاء مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا رَأَوْهُمْ حَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقَّرُوهُمْ فِي نَفَر فِي أَصْحَابه فَأَتَوْهُ فَخَلَّوْا بِهِ وَقَالُوا إِنَّا نُرِيد أَنْ تَجْعَل لَنَا مِنْك مَجْلِسًا تَعْرِف لَنَا بِهِ الْعَرَب فَضْلنَا فَإِنَّ وُفُود الْعَرَب تَأْتِيك فَنَسْتَحْيِيَ أَنْ تَرَانَا الْعَرَب مَعَ هَذِهِ الْأَعْبُد فَإِذَا نَحْنُ جِئْنَاك فَأَقِمْهُمْ عَنَّا فَإِذَا نَحْنُ فَرَغْنَا فَاقْعُدْ مَعَهُمْ إِنْ شِئْت قَالَ " نَعَمْ " قَالُوا فَاكْتُبْ لَنَا عَلَيْك كِتَابًا قَالَ فَدَعَا بِصَحِيفَةٍ وَدَعَا عَلِيًّا لِيَكْتُب وَنَحْنُ قُعُود فِي نَاحِيَة فَنَزَلَ جِبْرِيل فَقَالَ " وَلَا تَطْرُد الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهمْ " الْآيَة فَرَمَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّحِيفَةِ مِنْ يَده ثُمَّ دَعَانَا فَأَتَيْنَاهُ وَرَوَاهُ اِبْن جَرِير مِنْ حَدِيث أَسْبَاط بِهِ وَهَذَا حَدِيث غَرِيب فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَة مَكِّيَّة وَالْأَقْرَع بْن حَابِس وَعُيَيْنَة إِنَّمَا أَسْلَمَا بَعْد الْهِجْرَة بِدَهْرٍ وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ الْمِقْدَام بْن شُرَيْح عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ سَعْد نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي سِتَّة مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ اِبْن مَسْعُود قَالَ كُنَّا نَسْتَبِق إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَدْنُو مِنْهُ وَنَسْمَع مِنْهُ فَقَالَتْ قُرَيْش : تُدْنِي هَؤُلَاءِ دُوننَا فَنَزَلَتْ " وَلَا تَطْرُد الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ " رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه مِنْ طَرِيق سُفْيَان وَقَالَ عَلَى شَرْط الشَّيْخَيْنِ وَأَخْرَجَهُ اِبْن حِبَّان فِي صَحِيحه مِنْ طَرِيق الْمِقْدَام بْن شُرَيْح بِهِ .
كتب عشوائيه
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرتحتوي هذه الرسالة على بيان بعض أحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
المؤلف : أحمد بن عبد الحليم بن تيمية
الناشر : موقع الإسلام http://www.al-islam.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/104622
- الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعةالأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة: هذه رسائل شخصية بحتة، كتبها الشيخ المربي العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي إلى تلميذه صاحب الفضيلة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العقيل - رحمهما الله -، تارةً يُوجِّه نصيحةً أبويَّةً حانيةً لمناسبةٍ تستدعي ذلك، وتارةً يُجمِل له أخبار بلدِه عنيزة مع بعض الأخبار الأخرى، وتارةً يُجيبُه عن أسئلةٍ واستفسارات. - قام بإخراج الرسائل: هيثم بن جواد الحداد.
المؤلف : عبد الله بن عبد العزيز العقيل
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/371022
- شرح منهج الحق [ منظومة في العقيدة والأخلاق ]شرح منهج الحق [ منظومة في العقيدة والأخلاق ]: قال المُصنِّف - حفظه الله -: «فهذه أبياتٌ عظيمةٌ ومنظومةٌ نافعةٌ للإمام العلامة الفقيه المُفسِّر المُحقِّق عبد الله بن ناصر بن عبد الله بن ناصر ابن سعدي - رحمه الله تعالى وغفر له -، حَوَت خيرًا كثيرًا، وفوائدَ عظيمةً في بيان «المنهج الحق» الذي ينبغي أن يلزَمَه المُسلمُ عقيدةً وعبادةً وخُلُقًا، وقد نظَمَها - رحمه الله - في وقتٍ مُبكِّر من حياته .. وقرَّرَ فيها من المعاني العَظيمة والحقائق الجليلة، والتفاصيل النافعة التي لا غِنَى للمُسلم عنها، ولم يرِد تسميةٌ لها من ناظِمها - رحمه الله -، وإنما أُخِذ هذا الاسمُ من قوله في مُستهلِّها: «فيا سائلاً عن مهجِ الحقِّ»، وقد بدأها - رحمه الله بحثِّ من يرجُو لنفسه السعادةَ وينشُدُ لها الفوزَ في الدنيا والآخرة أن يُحسِنَ التأمُّلَ في مضامينها وما حوَتْه من خيرٍ عظيمٍ».
المؤلف : عبد الرحمن بن ناصر السعدي - عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر
الناشر : موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/381123
- أسئلة وأجوبة في الإيمان والكفرأسئلة وأجوبة في الإيمان والكفر: بعض الأسئلة التي عرضت على فضيلة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - حفظه الله - في مسائل الإيمان والكفر، وأجاب عليها بهذه الأجوبة، نسأل الله أن ينفع بها وأن يجعلها في موازين حسناته.
المؤلف : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1951
- مفحمات الأقران في مبهمات القرآنمفحمات الأقران في مبهمات القرآن : فإن من علوم القرآن التي يجب الاعتناء بها معرفة مبهماته وقد هتف ابن العساكر بكتابه المسمى بـ « التكميل والإتمام ». وجمع القاضي بينهما القاضي بدر الدين ابن جماعة في كتاب سماه « التبيان في مبهمات القرآن ». وهذا كتاب يفوق الكتب الثلاثة بما حوى من الفوائد والزوائد وحسن الإيجاز وعزو كل القول إلى من قاله مخرجا من كتب الحديث والتفاسير المسندة فإن ذلك أدعى لقبوله وأقع في النفس، فإن لم أقف عليه مسندا عزوته إلى قائله من المفسرين والعلماء وقد سميته « مفحمات الأقران في مبهمات القرآن ».
المؤلف : جلال الدين السيوطي
الناشر : موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/141392