القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة العنكبوت

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60) (العنكبوت) mp3
ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ تَعَالَى أَنَّ الرِّزْق لَا يَخْتَصّ بِبُقْعَةٍ بَلْ رِزْقه تَعَالَى عَامّ لِخَلْقِهِ حَيْثُ كَانُوا وَأَيْنَ كَانُوا بَلْ كَانَتْ أَرْزَاق الْمُهَاجِرِينَ حَيْثُ هَاجَرُوا أَكْثَر وَأَوْسَع وَأَطْيَب فَإِنَّهُمْ بَعْد قَلِيل صَارُوا حُكَّام الْبِلَاد فِي سَائِر الْأَقْطَار وَالْأَمْصَار وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّة لَا تَحْمِل رِزْقهَا " أَيْ لَا تُطِيق جَمْعه وَتَحْصِيله وَلَا تَدَّخِر شَيْئًا لِغَدٍ " اللَّه يَرْزُقهَا وَإِيَّاكُمْ " أَيْ يُقَيِّض لَهَا رِزْقهَا عَلَى ضَعْفهَا وَيُيَسِّرهُ عَلَيْهَا فَيَبْعَث إِلَى كُلّ مَخْلُوق مِنْ الرِّزْق مَا يُصْلِحهُ حَتَّى الذَّرّ فِي قَرَار الْأَرْض وَالطَّيْر فِي الْهَوَاء وَالْحِيتَان فِي الْمَاء . قَالَ تَعَالَى " وَمَا مِنْ دَابَّة فِي الْأَرْض إِلَّا عَلَى اللَّه رِزْقهَا وَيَعْلَم مُسْتَقَرّهَا وَمُسْتَوْدَعهَا كُلّ فِي كِتَاب مُبِين " وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الْهَرَوِيّ حَدَّثَنَا يَزِيد يَعْنِي اِبْن هَارُون حَدَّثَنَا الْجَرَّاح بْن مِنْهَال الْجَزَرِيّ - هُوَ أَبُو الْعُطُوف - عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ رَجُل عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : خَرَجْت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى دَخَلَ بَعْض حِيطَان الْمَدِينَة فَجَعَلَ يَلْتَقِط مِنْ التَّمْر وَيَأْكُل فَقَالَ لِي " يَا اِبْن عُمَر مَا لَك لَا تَأْكُل ؟ " قَالَ قُلْت لَا أَشْتَهِيه يَا رَسُول اللَّه قَالَ " لَكِنِّي أَشْتَهِيه وَهَذَا صُبْح رَابِعَة مُنْذُ لَمْ أَذُقْ طَعَامًا وَلَمْ أَجِدهُ وَلَوْ شِئْت لَدَعَوْت رَبِّي فَأَعْطَانِي مِثْل مُلْك كِسْرَى وَقَيْصَر فَكَيْف بِك يَا اِبْن عُمَر إِذَا بَقِيت فِي قَوْم يُخَبِّئُونَ رِزْق سَنَتهمْ بِضَعْفِ الْيَقِين ؟ " قَالَ فَوَاَللَّهِ مَا بَرِحْنَا وَلَا رُمْنَا حَتَّى نَزَلَتْ " وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّة لَا تَحْمِل رِزْقهَا اللَّه يَرْزُقهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم " فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَأْمُرنِي بِكَنْزِ الدُّنْيَا وَلَا بِاتِّبَاعِ الشَّهَوَات فَمَنْ كَنَزَ دُنْيَاهُ يُرِيد بِهَا حَيَاة بَاقِيَة فَإِنَّ الْحَيَاة بِيَدِ اللَّه أَلَا وَإِنِّي لَا أَكْنِز دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا أُخَبِّئ رِزْقًا لِغَدٍ " هَذَا حَدِيث غَرِيب وَأَبُو الْعُطُوف الْجَزَرِيّ ضَعِيف وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الْغُرَاب إِذَا فَقَسَ عَنْ فِرَاخه الْبِيض خَرَجُوا وَهُمْ بِيض فَإِذَا رَآهُمْ أَبَوَاهُمْ كَذَلِكَ نَفَرَا عَنْهُمْ أَيَّامًا حَتَّى يَسْوَدّ الرِّيش فَيَظَلّ الْفَرْخ فَاتِحًا فَاهُ يَتَفَقَّد أَبَوَيْهِ فَيُقَيِّض اللَّه تَعَالَى طَيْرًا صِغَارًا كَالْبَرْغَشِ فَيَغْشَاهُ فَيَتَقَوَّت بِهِ تِلْكَ الْأَيَّام حَتَّى يَسْوَدّ رِيشه وَالْأَبَوَانِ يَتَفَقَّدَانِهِ كُلّ وَقْت فَكُلَّمَا رَأَوْهُ أَبْيَض الرِّيش نَفَرَا عَنْهُ فَإِذَا رَأَوْهُ اِسْوَدَّ رِيشه عَطْفًا عَلَيْهِ بِالْحَضَانَةِ وَالرِّزْق وَلِهَذَا قَالَ الشَّاعِر : يَا رَازِق النَّعَّاب فِي عُشّه وَجَابِر الْعَظْم الْكَسِير الْمَهِيض . وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيّ فِي جُمْلَة كَلَام لَهُ فِي الْأَوَامِر كَقَوْلِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " سَافِرُوا تَصِحُّوا وَتُرْزَقُوا " قَالَ الْبَيْهَقِيّ أَخْبَرَنَا إِمْلَاء أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عَبْدَان أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عُبَيْد أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن غَالِب حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سِنَان أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزْدَاد شَيْخ مِنْ أَهْل الْمَدِينَة حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن دِينَار عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " سَافِرُوا تَصِحُّوا وَتَغْنَمُوا" قَالَ وَرَوَيْنَاهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا قَبِيصَة أَخْبَرَنَا اِبْن لَهِيعَة عَنْ دَرَّاج عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن حُجَيْر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " سَافِرُوا تَرْبَحُوا وَصُومُوا تَصِحُّوا وَاغْزُوا تَغْنَمُوا " وَقَدْ وَرَدَ مِثْل حَدِيث اِبْن عُمَر عَنْ اِبْن عَبَّاس مَرْفُوعًا وَعَنْ مُعَاذ بْن جَبَل مَوْقُوفًا وَفِي لَفْظ " سَافِرُوا مَعَ ذَوِي الْجِدّ وَالْمَيْسَرَة " قَالَ وَرُوِّينَاهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَقَوْله " وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم" أَيْ السَّمِيع لِأَقْوَالِ عِبَاده الْعَلِيم بِحَرَكَاتِهِمْ وَسَكَنَاتهمْ.

كتب عشوائيه

  • اعتقاد أهل السنة شرح أصحاب الحديث [ جملة ما حكاه عنهم أبو الحسن الأشعري وقرره في مقالاته ]اعتقاد أهل السنة شرح أصحاب الحديث : فقد انتسب إلى أبي الحسن الأشعري في هذا العصر كثير من المسلمين، وأطلقوا على أنفسهم الأشاعرة نسبة إليه، وادعوا أنهم ملتزمون بما هو عليه في الاعتقاد وخاصة في مسائل الصفات، والحق أنهم لم يأخذوا بالعقيدة التي اعتنقها إمامهم في نهاية حياته كما في كتاب (الإبانة) و (المقالات)، ومن العجيب أنهم زعموا أن الإمام أبا الحسن الأشعري ألف كتابه (الإبانة) مداراة للحنابلة وتقية، وخوفا منهم على نفسه. وفي هذا الكتاب تحقيق لعقيدة الأشعري - رحمه الله -.

    المؤلف : محمد بن عبد الرحمن الخميس

    الناشر : موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/116962

    التحميل :

  • مفتاح دعوة الرسلمفتاح دعوة الرسل: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن تربية النفوس وتزكيتها أمر مهم غفل عنه أمة من الناس، ومع انتشار الخير وكثرة من يسلك طريق الاستقامة إلا أن البعض يروم الصواب ولا يجده وينشد الجادة ويتيه عنها، وقد انبرى لهم الشيطان فاتخذ هؤلاء مطية ومركبًا يسير بهم في لجة الرياء والسمعة والعجب. ولخطورة الأمر وعظمه وردت الجم وأدليت بدلوي ونزعت نزعًا لا أدعي كماله وحسبي منه اجتهاد مقصر ومحبة الخير لي وللمسلمين. وهذا هو الجزء «السابع عشر» من سلسلة «أين نحن من هؤلاء؟!» تحت عنوان: «مفتاح دعوة الرسل»».

    المؤلف : عبد الملك القاسم

    الناشر : دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/229615

    التحميل :

  • أروع القيم الحضارية في سيرة خير البريةأروع القيم الحضارية في سيرة خير البرية: مناسبة كتابة هذا البحث هي تنامي ظاهرة الإساءة إلى الإسلام، وتتابع حملات الطعن في مقدسات المسلمين، والسخرية من شعائرهم وشرائعهم، في حملات مسعورة يقودها ساسة ورجال دين، تُساندهم وسائل إعلام متنوعة، إلى أن وصلت هذه الحملات للتعرض لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالإساءة إلى شخصه الكريم، وتناول زوجاته الطاهرات، والتشويه لجهاده في سبيل الله. - والكتاب من تأليف: انجوغو امبكي صمب.

    الناشر : موقع رسول الله http://www.rasoulallah.net

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/346602

    التحميل :

  • شرح ثلاثة الأصول [ آل الشيخ ]شرح ثلاثة الأصول : سلسلة مفرغة من الدروس التي ألقاها فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله - والثلاثة الأصول وأدلتها هي رسالة مختصرة ونفيسة صنفها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - تحتوي على الأصول الواجب على الإنسان معرفتها من معرفة العبد ربه, وأنواع العبادة التي أمر الله بها، ومعرفة العبد دينه، ومراتب الدين، وأركان كل مرتبة، ومعرفة النبي - صلى الله عليه وسلم - في نبذة من حياته، والحكمة من بعثته، والإيمان بالبعث والنشور، وركنا التوحيد وهما الكفر بالطاغوت,والإيمان بالله.

    المؤلف : صالح بن عبد العزيز آل الشيخ

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/285590

    التحميل :

  • لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائفلطائف المعارف فيما لمواسم العام من وظائف: قال عنه مؤلفه - رحمه الله -: «وقد استخرت الله تعالى في أن أجمع في هذا الكتاب وظائف شهور العام وما يختص بالشهور ومواسمها من الطاعات؛ كالصلاة والصيام والذكر والشكر وبذل الطعام وإفشاء السلام، وغير ذلك من خصال البررة الكرام؛ ليكون ذلك عونًا لنفسي ولإخواني على التزود للمعاد، والتأهب للموت قبل قدومه والاستعداد».

    المؤلف : ابن رجب الحنبلي

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/2116

    التحميل :

اختر التفسير

اختر سوره

كتب عشوائيه

اختر اللغة

المشاركه

Bookmark and Share