خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) (النساء) mp3
سُورَة النِّسَاء : وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ إِلَّا آيَةً وَاحِدَةً نَزَلَتْ بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فِي عُثْمَانَ بْن طَلْحَةَ الْحَجَبِيّ وَهِيَ قَوْله : " إِنَّ اللَّه يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا " [ النِّسَاء : 58 ] عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ . قَالَ النَّقَّاش : وَقِيلَ : نَزَلَتْ عِنْد هِجْرَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة . وَقَدْ قَالَ بَعْض النَّاس : إِنَّ قَوْله تَعَالَى : " يَا أَيّهَا النَّاس " حَيْثُ وَقَعَ إِنَّمَا هُوَ مَكِّيٌّ ; وَقَالَهُ عَلْقَمَة وَغَيْره , فَيُشْبِه أَنْ يَكُون صَدْر السُّورَة مَكِّيًّا , وَمَا نَزَلَ بَعْد الْهِجْرَة فَإِنَّمَا هُوَ مَدَنِيٌّ . وَقَالَ النَّحَّاسُ : هَذِهِ السُّورَة مَكِّيَّة .

قُلْت : وَالصَّحِيح الْأَوَّل , فَإِنَّ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا قَالَتْ : مَا نَزَلَتْ سُورَة النِّسَاء إِلَّا وَأَنَا عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; تَعْنِي قَدْ بَنَى بِهَا . وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا بَنَى بِعَائِشَةَ بِالْمَدِينَةِ . وَمَنْ تَبَيَّنَ أَحْكَامَهَا عَلِمَ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ لَا شَكَّ فِيهَا . وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إِنَّ قَوْله . " يَا أَيُّهَا النَّاس " مَكِّيٌّ حَيْثُ وَقَعَ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ ; فَإِنَّ الْبَقَرَةَ مَدَنِيَّةٌ وَفِيهَا قَوْله , " يَا أَيّهَا النَّاس " فِي مَوْضِعَيْنِ , وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

قَدْ مَضَى فِي " الْبَقَرَة " اِشْتِقَاق " النَّاس " وَمَعْنَى التَّقْوَى وَالرَّبّ وَالْخَلْق وَالزَّوْج وَالْبَثّ , فَلَا مَعْنَى لِلْإِعَادَةِ . وَفِي الْآيَة تَنْبِيهٌ عَلَى الصَّانِعِ .



تَأْنِيث لَفْظ النَّفْس . وَلَفْظ النَّفْس يُؤَنَّث وَإِنْ عُنِيَ بِهِ مُذَكَّرٌ . وَيَجُوز فِي الْكَلَام " مِنْ نَفْسٍ وَاحِدٍ " وَهَذَا عَلَى مُرَاعَاة الْمَعْنَى ; إِذْ الْمُرَادُ بِالنَّفْسِ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَام ; قَالَهُ مُجَاهِد وَقَتَادَة . وَهِيَ قِرَاءَة اِبْن أَبِي عَبْلَةَ " وَاحِدٍ " بِغَيْرِ هَاءٍ .



يَعْنِي حَوَّاء وَقَدْ مَضَى مَعْنَى الزَّوْج فِي " الْبَقَرَة "


مَعْنَاهُ فَرَّقَ وَنَشَرَ فِي الْأَرْض ; وَمِنْهُ " وَزَرَابِيّ مَبْثُوثَة " [ الْغَاشِيَة : 16 ] وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي " الْبَقَرَة " .



يَعْنِي آدَمَ وَحَوَّاءَ . قَالَ مُجَاهِد : خُلِقَتْ حَوَّاء مِنْ قُصَيْرَى آدَمَ . وَفِي الْحَدِيث : ( خُلِقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ ضِلَعٍ عَوْجَاءَ ) , وَقَدْ مَضَى فِي الْبَقَرَة .



حَصَرَ ذُرِّيَّتَهُمَا فِي نَوْعَيْنِ ; فَاقْتَضَى أَنَّ الْخُنْثَى لَيْسَ بِنَوْعٍ , لَكِنْ لَهُ حَقِيقَةٌ تَرُدُّهُ إِلَى هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ وَهِيَ الْآدَمِيَّةُ فَيَلْحَقُ بِأَحَدِهِمَا , عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي " الْبَقَرَة " مِنْ اِعْتِبَار نَقْص الْأَعْضَاء وَزِيَادَتهَا .


كَرَّرَ الِاتِّقَاءَ تَأْكِيدًا وَتَنْبِيهًا لِنُفُوسِ الْمَأْمُورِينَ . وَ " الَّذِي " فِي مَوْضِع نَصْب عَلَى النَّعْت . " وَالْأَرْحَام " مَعْطُوف . أَيْ اِتَّقُوا اللَّهَ أَنْ تَعْصُوهُ , وَاتَّقُوا الْأَرْحَامَ أَنْ تَقْطَعُوهَا . وَقَرَأَ أَهْل الْمَدِينَة " تَسَّاءَلُونَ " بِإِدْغَامِ التَّاء فِي السِّين . وَأَهْل الْكُوفَة بِحَذْفِ التَّاء , لِاجْتِمَاعِ تَاءَيْنِ , وَتَخْفِيفِ السِّينِ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى يُعْرَف ; وَهُوَ كَقَوْلِهِ : " وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْم " [ الْمَائِدَة : 2 ] وَ " تَنَزَّلُ " وَشَبَهه . وَقَرَأَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ وَقَتَادَة وَالْأَعْمَش وَحَمْزَة " الْأَرْحَامِ " بِالْخَفْضِ . وَقَدْ تَكَلَّمَ النَّحْوِيُّونَ فِي ذَلِكَ . فَأَمَّا الْبَصْرِيُّونَ فَقَالَ رُؤَسَاؤُهُمْ : هُوَ لَحْنٌ لَا تَحِلُّ الْقِرَاءَةُ بِهِ . وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فَقَالُوا : هُوَ قَبِيحٌ ; وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى هَذَا وَلَمْ يَذْكُرُوا عِلَّةَ قُبْحِهِ ; قَالَ النَّحَّاس : فِيمَا عَلِمْت . وَقَالَ سِيبَوَيْهِ : لَمْ يُعْطَف عَلَى الْمُضْمَر الْمَخْفُوض ; لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ التَّنْوِين , وَالتَّنْوِين لَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ . وَقَالَ جَمَاعَة : هُوَ مَعْطُوف عَلَى الْمَكْنِيّ ; فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَتَسَاءَلُونَ بِهَا , يَقُول الرَّجُل : سَأَلْتُك بِاَللَّهِ وَالرَّحِمِ ; هَكَذَا فَسَّرَهُ الْحَسَن وَالنَّخَعِيّ وَمُجَاهِد , وَهُوَ الصَّحِيح فِي الْمَسْأَلَة , عَلَى مَا يَأْتِي . وَضَعَّفَهُ أَقْوَام مِنْهُمْ الزَّجَّاج , وَقَالُوا : يَقْبُحُ عَطْفُ الِاسْمِ الظَّاهِر عَلَى الْمُضْمَر فِي الْخَفْض إِلَّا بِإِظْهَارِ الْخَافِض ; كَقَوْلِهِ " فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ " [ الْقَصَص : 81 ] وَيَقْبُحُ " مَرَرْت بِهِ وَزَيْدٍ " . قَالَ الزَّجَّاج عَنْ الْمَازِنِيّ : لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ وَالْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ شَرِيكَانِ . يَحُلُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَحِلَّ صَاحِبِهِ ; فَكَمَا لَا يَجُوز " مَرَرْت بِزَيْدٍ وَكَ " كَذَلِكَ لَا يَجُوز " مَرَرْت بِك وَزَيْدٍ " . وَأَمَّا سِيبَوَيْهِ فَهِيَ عِنْده قَبِيحَة وَلَا تَجُوز إِلَّا فِي الشِّعْر ; كَمَا قَالَ : فَالْيَوْمَ قَرَّبْت تَهْجُونَا وَتَشْتُمُنَا فَاذْهَبْ فَمَا بِك وَالْأَيَّامِ مِنْ عَجَبِ عَطَفَ " الْأَيَّام " عَلَى الْكَاف فِي " بِك " بِغَيْرِ الْبَاء لِلضَّرُورَةِ . وَكَذَلِكَ قَوْل الْآخَر : نُعَلِّقُ فِي مِثْلِ السَّوَارِي سُيُوفَنَا وَمَا بَيْنَهَا وَالْكَعْبِ مَهْوَى نَفَانِفُ عَطَفَ " الْكَعْب " عَلَى الضَّمِير فِي " بَيْنهَا " ضَرُورَة . وَقَالَ أَبُو عَلِيّ : ذَلِكَ ضَعِيف فِي الْقِيَاس . وَفِي كِتَاب التَّذْكِرَة الْمَهْدِيَّة عَنْ الْفَارِسِيّ أَنَّ أَبَا الْعَبَّاس الْمُبَرِّدَ قَالَ : لَوْ صَلَّيْت خَلْفَ إِمَامٍ يَقْرَأ " مَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيِّ " [ إِبْرَاهِيم : 22 ] و " اِتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ " لَأَخَذْت نَعْلِي وَمَضَيْت . قَالَ الزَّجَّاج : قِرَاءَة حَمْزَة مَعَ ضَعْفهَا وَقُبْحِهَا فِي الْعَرَبِيَّة خَطَأ عَظِيم فِي أُصُول أَمْر الدِّين ; لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ ) فَإِذَا لَمْ يَجُزْ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّه فَكَيْفَ يَجُوز بِالرَّحِمِ . وَرَأَيْت إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِسْحَاقَ يَذْهَب إِلَى أَنَّ الْحَلِفَ بِغَيْرِ اللَّه أَمْرٌ عَظِيمٌ , وَأَنَّهُ خَاصٌّ لِلَّهِ تَعَالَى . قَالَ النَّحَّاس : وَقَوْل بَعْضِهِمْ " وَالْأَرْحَام " قَسَمٌ خَطَأ مِنْ الْمَعْنَى وَالْإِعْرَاب ; لِأَنَّ الْحَدِيث عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُلُّ عَلَى النَّصْب . وَرَوَى شُعْبَة عَنْ عَوْن بْن أَبِي جُحَيْفَة عَنْ الْمُنْذِر بْن جَرِير عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنَّا عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَ قَوْم مِنْ مُضَرَ حُفَاةً عُرَاةً , فَرَأَيْت وَجْهَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَغَيَّر لِمَا رَأَى مِنْ فَاقَتِهِمْ ; ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ وَخَطَبَ النَّاس فَقَالَ : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اِتَّقُوا رَبَّكُمْ , إِلَى : وَالْأَرْحَام ) ; ثُمَّ قَالَ : ( تَصَدَّقَ رَجُلٌ بِدِينَارِهِ تَصَدَّقَ رَجُلٌ بِدِرْهَمِهِ تَصَدَّقَ رَجُلٌ بِصَاعِ تَمْرِهِ ... ) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ . فَمَعْنَى هَذَا عَلَى النَّصْب ; لِأَنَّهُ حَضَّهُمْ عَلَى صِلَةِ أَرْحَامِهِمْ . وَأَيْضًا فَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ ) . فَهَذَا يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قَالَ : الْمَعْنَى أَسْأَلُك بِاَللَّهِ وَبِالرَّحِمِ . وَقَدْ قَالَ أَبُو إِسْحَاق : مَعْنَى " تَسَاءَلُونَ بِهِ " يَعْنِي تَطْلُبُونَ حُقُوقَكُمْ بِهِ . وَلَا مَعْنَى لِلْخَفْضِ أَيْضًا مَعَ هَذَا .

قُلْت : هَذَا مَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ الْقَوْل لِعُلَمَاء اللِّسَان فِي مَنْعِ قِرَاءَةِ " وَالْأَرْحَامِ " بِالْخَفْضِ , وَاخْتَارَهُ اِبْن عَطِيَّةَ . وَرَدَّهُ الْإِمَام أَبُو نَصْر عَبْد الرَّحِيم بْن عَبْد الْكَرِيم الْقُشَيْرِيّ , وَاخْتَارَ الْعَطْف فَقَالَ : وَمِثْل هَذَا الْكَلَام مَرْدُود عِنْد أَئِمَّة الدِّين ; لِأَنَّ الْقِرَاءَات الَّتِي قَرَأَ بِهَا أَئِمَّة الْقُرَّاء ثَبَتَتْ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَاتُرًا يَعْرِفهُ أَهْل الصَّنْعَة , وَإِذَا ثَبَتَ شَيْء عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ رَدَّ ذَلِكَ فَقَدْ رَدَّ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَاسْتَقْبَحَ مَا قَرَأَ بِهِ , وَهَذَا مَقَامٌ مَحْذُورٌ , وَلَا يُقَلَّدُ فِيهِ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ ; فَإِنَّ الْعَرَبِيَّة تُتَلَقَّى مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَا يَشُكُّ أَحَدٌ فِي فَصَاحَتِهِ . وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَدِيث فَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لِأَبِي الْعُشَرَاء : ( وَأَبِيك لَوْ طَعَنْت فِي خَاصِرَتِهِ ) . ثُمَّ النَّهْي إِنَّمَا جَاءَ فِي الْحَلِف بِغَيْرِ اللَّه , وَهَذَا تَوَسُّلٌ إِلَى الْغَيْرِ بِحَقِّ الرَّحِمِ فَلَا نَهْيَ فِيهِ . قَالَ الْقُشَيْرِيّ : وَقَدْ قِيلَ هَذَا إِقْسَامٌ بِالرَّحِمِ , أَيْ اِتَّقُوا اللَّه وَحَقِّ الرَّحِمِ ; كَمَا تَقُول : اِفْعَلْ كَذَا وَحَقِّ أَبِيك . وَقَدْ جَاءَ فِي التَّنْزِيل : " وَالنَّجْمِ , وَالطُّورِ , وَالتِّينِ , لَعَمْرُك " وَهَذَا تَكَلُّفٌ

وَقُلْت : لَا تَكَلُّفَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَبْعُد أَنْ يَكُون " وَالْأَرْحَامِ " مِنْ هَذَا الْقَبِيل , فَيَكُون أَقْسَمَ بِهَا كَمَا أَقْسَمَ بِمَخْلُوقَاتِهِ الدَّالَّة عَلَى وَحْدَانِيِّتِهِ وَقُدْرَتِهِ تَأْكِيدًا لَهَا حَتَّى قَرَنَهَا بِنَفْسِهِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . وَلِلَّهِ أَنْ يُقْسِمَ بِمَا شَاءَ وَيَمْنَعَ مَا شَاءَ وَيُبِيحَ مَا شَاءَ , فَلَا يَبْعُد أَنْ يَكُون قَسَمًا . وَالْعَرَب تُقْسِمُ بِالرَّحِمِ . وَيَصِحّ أَنْ تَكُون الْبَاء مُرَادَة فَحَذَفَهَا كَمَا حَذَفَهَا فِي قَوْله : مَشَائِيمُ لَيْسُوا مُصْلِحِينَ عَشِيرَةً وَلَا نَاعِبٍ إِلَّا بِبَيْنِ غُرَابِهَا فَجَرَّ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ بَاءٌ . قَالَ اِبْن الدَّهَّان أَبُو مُحَمَّد سَعِيد بْن مُبَارَك : وَالْكُوفِيّ يُجِيز عَطْف الظَّاهِر عَلَى الْمَجْرُورِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ . وَمِنْهُ قَوْله : آبَك أَيِّهْ بِي أَوْ مُصَدَّرِ مِنْ حُمُرِ الْجِلَّةِ جَأْبٍ حَشْوَرِ وَمِنْهُ : فَاذْهَبْ فَمَا بِك وَالْأَيَّامِ مِنْ عَجَبِ وَقَوْل الْآخَر : وَمَا بَيْنَهَا وَالْكَعْبِ غَوْطٌ نَفَانِفُ وَمِنْهُ : فَحَسْبُك وَالضَّحَّاكِ سَيْفٌ مُهَنَّدُ وَقَوْل الْآخَر : وَقَدْ رَامَ آفَاقَ السَّمَاءِ فَلَمْ يَجِدْ لَهُ مَصْعَدًا فِيهَا وَلَا الْأَرْضِ مَقْعَدًا وَقَوْل الْآخَر : مَا إِنْ بِهَا وَالْأُمُور مِنْ تَلَفٍ مَا حُمَّ مِنْ أَمْرِ غَيْبِهِ وَقَعَا وَقَوْل الْآخَر : أَمُرُّ عَلَى الْكَتِيبَةِ لَسْت أَدْرِي أَحَتْفِي كَانَ فِيهَا أَمْ سِوَاهَا ف " سِوَاهَا " مَجْرُور الْمَوْضِع بِفِي . وَعَلَى هَذَا حَمَلَ بَعْضهمْ قَوْله تَعَالَى : " وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ " [ الْحِجْر : 20 ] فَعَطَفَ عَلَى الْكَاف وَالْمِيم . وَقَرَأَ عَبْد اللَّه بْن يَزِيد " وَالْأَرْحَامُ " بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاء , وَالْخَبَرُ مُقَدَّرٌ , تَقْدِيره : وَالْأَرْحَام أَهْلٌ أَنْ تُوصَلَ . وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون إِغْرَاءً ; لِأَنَّ مِنْ الْعَرَب مَنْ يَرْفَع الْمُغْرَى . وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ : إِنَّ قَوْمًا مِنْهُمُ عُمَيْرٌ وَأَشْبَا هُ عُمَيْرٍ وَمِنْهُمْ السَّفَّاحُ لَجَدِيرُونَ بِاللِّقَاءِ إِذَا قَا لَ أَخُو النَّجْدَةِ السِّلَاحُ السِّلَاحُ وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ " وَالْأَرْحَامَ " بِالنَّصْبِ عَطْف عَلَى مَوْضِعِ بِهِ ; لِأَنَّ مَوْضِعَهُ نَصْب , وَمِنْهُ قَوْله : فَلَسْنَا بِالْجِبَالِ وَلَا الْحَدِيدَا وَكَانُوا يَقُولُونَ : أَنْشُدُك بِاَللَّهِ وَالرَّحِمَ . وَالْأَظْهَر أَنَّهُ نَصْب بِإِضْمَارِ فِعْل كَمَا ذَكَرْنَا .

اِتَّفَقَتْ الْمِلَّة عَلَى أَنَّ صِلَة الرَّحِم وَاجِبَةٌ وَأَنَّ قَطِيعَتَهَا مُحَرَّمَةٌ . وَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَسْمَاءَ وَقَدْ سَأَلَتْهُ أَأَصِلُ أُمِّي ( نَعَمْ صِلِي أُمَّك ) فَأَمَرَهَا بِصِلَتِهَا وَهِيَ كَافِرَة . فَلِتَأْكِيدِهَا دَخَلَ الْفَضْل فِي صِلَة الْكَافِر , حَتَّى اِنْتَهَى الْحَال بِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابه فَقَالُوا بِتَوَارُثِ ذَوِي الْأَرْحَام إِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَة وَلَا فَرْضٌ مُسَمًّى , وَيَعْتِقُونَ عَلَى مَنْ اِشْتَرَاهُمْ مِنْ ذَوِي رَحِمِهِمْ لِحُرْمَةِ الرَّحِم ; وَعَضَّدُوا ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مُحَرَّم فَهُوَ حُرٌّ ) . وَهُوَ قَوْل أَكْثَر أَهْل الْعِلْم . رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَعَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِف مِنْ الصَّحَابَة . وَهُوَ قَوْل الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَجَابِر بْن زَيْد وَعَطَاء وَالشَّعْبِيّ وَالزُّهْرِيّ , وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق . وَلِعُلَمَائِنَا فِي ذَلِكَ ثَلَاثَة أَقْوَال :

الْأَوَّل - أَنَّهُ مَخْصُوص بِالْآبَاءِ وَالْأَجْدَاد .

الثَّانِي - الْجَنَاحَانِ يَعْنِي الْإِخْوَة .

الثَّالِث - كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَة . وَقَالَ الشَّافِعِيّ : لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ إِلَّا أَوْلَادُهُ وَآبَاؤُهُ وَأُمَّهَاتُهُ , وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ إِخْوَتُهُ وَلَا أَحَدٌ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ وَلُحْمَتِهِ .

وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِلْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ . وَأَحْسَنُ طُرُقِهِ رِوَايَة النَّسَائِيّ لَهُ ; رَوَاهُ مِنْ حَدِيث ضَمْرَة عَنْ سُفْيَان عَنْ عَبْد اللَّه بْن دِينَار عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِم مُحَرَّم فَقَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ ) . وَهُوَ حَدِيث ثَابِتٌ بِنَقْلِ الْعَدْل عَنْ الْعَدْل وَلَمْ يَقْدَح فِيهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّة بِعِلَّةٍ تُوجِب تَرْكَهُ ; غَيْر أَنَّ النَّسَائِيّ قَالَ فِي آخِره : هَذَا حَدِيث مُنْكَرٌ . وَقَالَ غَيْره : تَفَرَّدَ بِهِ ضَمْرَةُ . وَهَذَا هُوَ مَعْنَى الْمُنْكَر وَالشَّاذّ فِي اِصْطِلَاح الْمُحَدِّثِينَ . وَضَمْرَة عَدْلٌ ثِقَةٌ , وَانْفِرَاد الثِّقَة بِالْحَدِيثِ لَا يَضُرُّهُ . وَاَللَّه أَعْلَم .

وَاخْتَلَفُوا مِنْ هَذَا الْبَاب فِي ذَوِي الْمَحَارِم مِنْ الرَّضَاعَة . فَقَالَ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم لَا يَدْخُلُونَ فِي مُقْتَضَى الْحَدِيث . وَقَالَ شَرِيك الْقَاضِي بِعِتْقِهِمْ . وَذَهَبَ أَهْل الظَّاهِر وَبَعْض الْمُتَكَلِّمِينَ إِلَى أَنَّ الْأَب لَا يَعْتِق عَلَى الِابْن إِذَا مَلَكَهُ ; وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام : ( لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدًا إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ ) . قَالُوا : فَإِذَا صَحَّ الشِّرَاء فَقَدْ ثَبَتَ الْمِلْك , وَلِصَاحِبِ الْمِلْك التَّصَرُّف . وَهَذَا جَهْل مِنْهُمْ بِمَقَاصِد الشَّرْع ; فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى يَقُول : " وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا " [ الْإِسْرَاء : 23 ] فَقَدْ قَرَنَ بَيْنَ عِبَادَته وَبَيْنَ الْإِحْسَان لِلْوَالِدَيْنِ فِي الْوُجُوب , وَلَيْسَ مِنْ الْإِحْسَان أَنْ يَبْقَى وَالِده فِي مِلْكِهِ وَتَحْتَ سُلْطَانِهِ ; فَإِذًا يَجِب عَلَيْهِ عِتْقُهُ إِمَّا لِأَجْلِ الْمِلْك عَمَلًا بِالْحَدِيثِ ( فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ ) , أَوْ لِأَجْلِ الْإِحْسَان عَمَلًا بِالْآيَةِ . وَمَعْنَى الْحَدِيث عِنْد الْجُمْهُور أَنَّ الْوَلَد لَمَّا تَسَبَّبَ إِلَى عِتْق أَبِيهِ بِاشْتِرَائِهِ نَسَبَ الشَّرْعُ الْعِتْقَ إِلَيْهِ نِسْبَةَ الْإِيقَاعِ مِنْهُ . وَأَمَّا اِخْتِلَاف الْعُلَمَاء فِيمَنْ يَعْتِقُ بِالْمِلْكِ , فَوَجْه الْقَوْل الْأَوَّل مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَعْنَى الْكِتَاب وَالسُّنَّة , وَوَجْه الثَّانِي إِلْحَاق الْقَرَابَة الْقَرِيبَة الْمُحَرَّمَة بِالْأَبِ الْمَذْكُور فِي الْحَدِيث , وَلَا أَقْرَبَ لِلرَّجُلِ مِنْ اِبْنه فَيُحْمَل عَلَى الْأَب , وَالْأَخ يُقَارِبهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُدْلِي بِالْأُبُوَّةِ ; فَإِنَّهُ يَقُول : أَنَا اِبْن أَبِيهِ . وَأَمَّا الْقَوْل الثَّالِث فَمُتَعَلَّقُهُ حَدِيثُ ضَمْرَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ . وَاَللَّه أَعْلَم .

قَوْله تَعَالَى : " وَالْأَرْحَام " الرَّحِم اِسْمٌ لِكَافَّةِ الْأَقَارِب مِنْ غَيْر فَرْقٍ بَيْنَ الْمَحْرَم وَغَيْره . وَأَبُو حَنِيفَة يَعْتَبِرُ الرَّحِمَ الْمَحْرَم فِي مَنْع الرُّجُوع فِي الْهِبَة , وَيَجُوز الرُّجُوع فِي حَقّ بَنِي الْأَعْمَام مَعَ أَنَّ الْقَطِيعَة مَوْجُودَة وَالْقَرَابَة حَاصِلَة ; وَلِذَلِكَ تَعَلَّقَ بِهَا الْإِرْث وَالْوِلَايَة وَغَيْرهمَا مِنْ الْأَحْكَام . فَاعْتِبَار الْمَحْرَم زِيَادَة عَلَى نَصّ الْكِتَاب مِنْ غَيْر مُسْتَنَدٍ . وَهُمْ يَرَوْنَ ذَلِكَ نَسْخًا , سِيَّمَا وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى التَّعْلِيل بِالْقَطِيعَةِ , وَقَدْ جَوَّزُوهَا فِي حَقّ بَنِي الْأَعْمَام وَبَنِي الْأَخْوَال وَالْخَالَات . وَاَللَّه أَعْلَم .


أَيْ حَفِيظًا ; عَنْ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد . اِبْن زَيْد : عَلِيمًا . وَقِيلَ : " رَقِيبًا " حَافِظًا ; قِيلَ : بِمَعْنَى فَاعِل . فَالرَّقِيب مِنْ صِفَات اللَّه تَعَالَى , وَالرَّقِيب : الْحَافِظ وَالْمُنْتَظِر ; تَقُول رَقَبْت أَرْقُبُ رِقْبَةً وَرِقْبَانًا إِذَا اِنْتَظَرْت . وَالْمَرْقَب : الْمَكَان الْعَالِي الْمُشْرِف , يَقِف عَلَيْهِ الرَّقِيب . وَالرَّقِيب : السَّهْم الثَّالِث مِنْ السَّبْعَة الَّتِي لَهَا أَنْصِبَاء . وَيُقَال : إِنَّ الرَّقِيب ضَرْب مِنْ الْحَيَّات , فَهُوَ لَفْظ مُشْتَرَك . وَاَللَّه أَعْلَم .

كتب عشوائيه

  • معين الملهوف لمعرفة أحكام صلاة الكسوفمعين الملهوف لمعرفة أحكام صلاة الكسوف : شرع الله - سبحانه وتعالى - صلاة الكسوف التجاء إليه - سبحانه - عند حدوث الكسوف للشمس أو للقمر، وقد حث على الدعاء والصدقة فيها على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهذه الصلاة فيها من الأحكام ما ينبغي على المسلم معرفتها إذا أداها، ولتكون على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي هذه الرسالة بيان بعض أحكامها. قدم لها : الشيخ خالد بن علي المشيقح، و الشيخ عبد الله بن مانع العتيبي - حفظهما الله -.

    المؤلف : بدر بن سويلم المقاطي

    الناشر : شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/166791

    التحميل :

  • تنبيهات على أحكام تختص بالمؤمناتتنبيهات على أحكام تختص بالمؤمنات: يحتوي على بعض الأحكام التي ينبغي أن تحرص كل امرأة على معرفتها، مثل: أحكام تختص بالتزيين الجسمي للمرأة‏، والحيض والاستحاضة والنفاس‏، واللباس والحجاب‏، والصلاة والصيام‏، والحج والعمرة، مع بيان بعض الأحكام التي تختص بالزوجية وبإنهائها‏.‏

    المؤلف : صالح بن فوزان الفوزان

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/57886

    التحميل :

  • نكاح الصالحات ثماره وآثارهنكاح الصالحات ثماره وآثاره: قال المصنف - حفظه الله -: «يسر الله وكتبت فيما سبق كتيبًا بعنوان «يا أبي زوجني» وأردت أن أتممه بهذا الموضوع الهام، ألا وهو: صفات المرأة التي يختارها الشاب المقبل على الزواج، خاصةً مع كثرة الفتن وتوسُّع دائرة وسائل الفساد، فأردتُّ أن يكون بعد التفكير في الزواج والعزم على ذلك، إعانةً على مهمة الاختيار، وهي المهمة التي تتوقف عليها سعادة الزوجين».

    المؤلف : عبد الملك القاسم

    الناشر : دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/228675

    التحميل :

  • التحذير من البدعالتحذير من البدع: كتيب لطيف للشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - ويحتوي على 4 رسائل، وهي: حكم الاحتفال بالمولد، حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان، تنبيه على كذب الوصية المنسوبة للشيخ أحمد خادم الحرم النبوي الشريف.

    المؤلف : عبد العزيز بن عبد الله بن باز

    الناشر : موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/102352

    التحميل :

  • الحياء وأثره في حياة المسلمالحياء وأثره في حياة المسلم : في هذه الرسالة بيان فضل الحياء والحث على التخلق به وبيان أسبابه.

    المؤلف : عبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجار الله

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/209116

    التحميل :

اختر التفسير

اختر سوره

كتب عشوائيه

اختر اللغة

المشاركه

Bookmark and Share