القرآن الكريم للجميع » تفسير القرطبي » سورة الأعلى

وَرَوَى جَعْفَر بْن مُحَمَّد عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه قَالَ : ( إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى مَلَكًا يُقَال لَهُ حِزْقَائِيل , لَهُ ثَمَانِيَة عَشَرَ أَلْف جَنَاح , مَا بَيْن الْجَنَاح إِلَى الْجَنَاح مَسِيرَة خَمْسِمِائَةِ عَام , فَخَطَرَ لَهُ خَاطِر هَلْ تَقْدِرُ أَنْ تُبْصِرَ الْعَرْشَ جَمِيعَهُ ؟ فَزَادَهُ اللَّه أَجْنِحَةً مِثْلَهَا , فَكَانَ لَهُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْف جَنَاح , مَا بَيْن الْجَنَاح إِلَى الْجَنَاح خَمْسُمِائَةِ عَام . ثُمَّ أَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ : أَيّهَا الْمَلَك , أَنْ طِرْ , فَطَارَ مِقْدَار عِشْرِينَ أَلْفَ سَنَة فَلَمْ يَبْلُغ رَأْس قَائِمَة مِنْ قَوَائِم الْعَرْش . ثُمَّ ضَاعَفَ اللَّه لَهُ فِي الْأَجْنِحَة وَالْقُوَّة , وَأَمَرَهُ أَنْ يَطِير , فَطَارَ مِقْدَار ثَلَاثِينَ أَلْف سَنَة أُخْرَى , فَلَمْ يَصِل أَيْضًا فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ أَيّهَا الْمَلَك , لَوْ طِرْت إِلَى نَفْخ الصُّوَر مَعَ أَجْنِحَتك وَقُوَّتك لَمْ تَبْلُغ سَاقَ عَرْشِي . فَقَالَ الْمَلَك : سُبْحَان رَبِّيَ الْأَعْلَى فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : " سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى " . فَقَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : اِجْعَلُوهَا فِي سُجُودكُمْ ) . ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ فِي ( كِتَاب الْعَرَائِس ) لَهُ . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَالسُّدِّيّ : مَعْنَى " سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى " أَيْ عَظِّمْ رَبّك الْأَعْلَى . وَالِاسْم صِلَة , قُصِدَ بِهَا تَعْظِيم الْمُسَمَّى كَمَا قَالَ لَبِيد : إِلَى الْحَوْلِ ثُمَّ اِسْمُ السَّلَامِ عَلَيْكُمَا وَقِيلَ : نَزِّهْ رَبّك عَنْ السُّوء , وَعَمَّا يَقُول فِيهِ الْمُلْحِدُونَ . وَذَكَرَ الطَّبَرِيّ أَنَّ الْمَعْنَى نَزِّهْ اِسْم رَبّك عَنْ أَنْ تُسَمِّيَ بِهِ أَحَدًا سِوَاهُ . وَقِيلَ : نَزِّهْ تَسْمِيَة رَبّك وَذِكْرَك إِيَّاهُ , أَنْ تَذْكُرَهُ إِلَّا وَأَنْتَ خَاشِع مُعَظِّم , وَلِذِكْرِهِ مُحْتَرِم . وَجَعَلُوا الِاسْم بِمَعْنَى التَّسْمِيَة , وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُون الِاسْم هُوَ الْمُسَمَّى .
رَوَى نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : لَا تَقُلْ عَلَا اِسْمُ اللَّه فَإِنَّ اِسْم اللَّه هُوَ الْأَعْلَى . وَرَوَى أَبُو صَالِح عَنْ اِبْن عَبَّاس : صَلِّ بِأَمْرِ رَبّك الْأَعْلَى . قَالَ : وَهُوَ أَنْ تَقُول سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى . وَرُوِيَ عَنْ عِلِّيّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَابْن عَبَّاس وَابْن عَمْرو وَابْن الزُّبَيْر وَأَبِي مُوسَى وَعَبْد اللَّه بْن مَسْعُود - رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ - أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا اِفْتَتَحُوا قِرَاءَة هَذِهِ السُّورَة قَالُوا : سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى اِمْتِثَالًا لِأَمْرِهِ فِي اِبْتِدَائِهَا . فَيَخْتَار الِاقْتِدَاء بِهِمْ فِي قِرَاءَتهمْ لَا أَنَّ سُبْحَان رَبِّيَ الْأَعْلَى مِنْ الْقُرْآن كَمَا قَالَهُ بَعْض أَهْل الزَّيْغ . وَقِيلَ : إِنَّهَا فِي قِرَاءَة أُبَيّ : " سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى " . وَكَانَ اِبْن عُمَر يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ . وَفِي الْحَدِيث : كَانَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا قَرَأَهَا قَالَ : [ سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى ] .
قَالَ أَبُو بَكْر الْأَنْبَارِيّ : حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن شَهْرَيَار , قَالَ : حَدَّثَنَا حُسَيْن بْن الْأَسْوَد , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حَمَّاد قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى بْن عُمَر , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قَرَأَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب عَلَيْهِ السَّلَام فِي الصَّلَاة " سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى " , ثُمَّ قَالَ : سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى فَلَمَّا اِنْقَضَتْ الصَّلَاة قِيلَ لَهُ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ , أَتَزِيدُ هَذَا فِي الْقُرْآن ؟ قَالَ : مَا هُوَ ؟ قَالُوا : سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى . قَالَ : لَا , إِنَّمَا أُمِرْنَا بِشَيْءٍ فَقُلْته , وَعَنْ عُقْبَة بْن عَامِر الْجُهَنِيّ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ " سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى " قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( اِجْعَلُوهَا فِي سُجُودكُمْ ) . وَهَذَا كُلّه يَدُلّ عَلَى أَنَّ الِاسْم هُوَ الْمُسَمَّى ; لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا : سُبْحَان اِسْم رَبّك الْأَعْلَى . وَقِيلَ : إِنَّ أَوَّل مَنْ قَالَ [ سُبْحَان رَبِّيَ الْأَعْلَى ] مِيكَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام . وَقَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجِبْرِيل : ( يَا جِبْرِيل أَخْبِرْنِي بِثَوَابِ مَنْ قَالَ : سُبْحَان رَبِّيَ الْأَعْلَى فِي صَلَاته أَوْ فِي غَيْر صَلَاته ) . فَقَالَ : ( يَا مُحَمَّد , مَا مِنْ مُؤْمِن وَلَا مُؤْمِنَة يَقُولهَا فِي سُجُوده أَوْ فِي غَيْر سُجُوده , إِلَّا كَانَتْ لَهُ فِي مِيزَانه أَثْقَلَ مِنْ الْعَرْش وَالْكُرْسِيّ وَجِبَال الدُّنْيَا , وَيَقُول اللَّه تَعَالَى : صَدَقَ عَبْدِي , أَنَا فَوْق كُلّ شَيْء , وَلَيْسَ فَوْقِي شَيْء , اِشْهَدُوا يَا مَلَائِكَتِي أَنِّي قَدْ غَفَرْت لَهُ , وَأَدْخَلْته الْجَنَّة فَإِذَا مَاتَ زَارَهُ مِيكَائِيل كُلّ يَوْم , فَإِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة حَمَلَهُ عَلَى جَنَاحه , فَأَوْقَفَهُ بَيْن يَدَيْ اللَّه تَعَالَى , فَيَقُول : يَا رَبّ شَفِّعْنِي فِيهِ , فَيَقُول قَدْ شَفَّعْتُك فِيهِ , فَاذْهَبْ بِهِ إِلَى الْجَنَّة ) . وَقَالَ الْحَسَن : " سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى " أَيْ صَلِّ لِرَبِّك الْأَعْلَى . وَقُلْ : أَيْ صَلِّ بِأَسْمَاءِ اللَّه , لَا كَمَا يُصَلِّي الْمُشْرِكُونَ بِالْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَة . وَقِيلَ : اِرْفَعْ صَوْتك بِذِكْرِ رَبّك . قَالَ جَرِير : قَبَّحَ الْإِلَهُ وُجُوهَ تَغْلِبَ كُلَّمَا سَبَّحَ الْحَجِيجُ وَكَبَّرُوا تَكْبِيرَا
كتب عشوائيه
- أشراط قبل يوم القيامةأشراط قبل يوم القيامة: فإن الإيمان باليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقاب أحد أركان الإيمان ومبانيه العظام، وقد جعل الله بين يدي الساعة أشراطًا تدل على قربها، ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعظم أمر الساعة فكان إذا ذكرها احمرّت وجنتاه، وعلا صوته، واشتد غضبه، وقد أبدى فيها وأعاد، وكان الصحابة - رضوان الله عليهم - يتذاكرون أمر الساعة، لذا كان هذا الكتاب عن أشراط الساعة لتذكرة المؤمنين، وليستعد الناس لها بالتوبة والإنابة.
المؤلف : Imam Ibn Kathir
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/313878
- فهم القرآن الكريمفهم القرآن الكريم: منهج مختصر للشروع في فهم القرآن، وذلك بمعرفة 100 كلمة وفهم معانيها وحفظها عن طريق سورة الفاتحة وست سور من القصار وأذكار الصلاة وبعض الأدعية وغيرها، والتي تكررت ما يقارب أربعين ألف مرة في القرآن الكريم (من مجموع ما يقارب 77,800 كلمة) أي: ما يقارب نصف كلمات القرآن الكريم! والهدف من ذلك: المساعدة على فهم القرآن والتشجيع عليه وتيسير المزيد من الخطوات إلى فهم معاني القرآن وتمهيد السبيل إلى تدبُّر القرآن والتفكُّر في آياته.
المؤلف : Abdul-Azeez Abdur-Raheem
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
الناشر : A website understand Quran www.understandquran.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/358846
- رحمة للعالمينرحمة للعالمين: يتحدث هذا الكتاب عن جوانب الرحمة في حياة النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وقد رُوعِي في تأليفه سهولة الأسلوب، وسلاسة اللغة.
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
المترجم : Al-Tijani Mohammed Siddique
الناشر : A website Islamic Library www.islamicbook.ws
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/324741
- القرآن الكريم وترجمة معانيه إلى اللغة الإنجليزيةالقرآن الكريم وترجمة معانيه إلى اللغة الإنجليزية: القرآن الكريم، وفي حاشيته معاني الآيات مترجمة إلى اللغة الإنجليزية، قام بترجمة معانيه كلٌّ من: محمد محسن خان، وتقي الدين الهلالي.
المترجم : Muhammad Muhsin Khan - Taqi-ud-Deen Hilaali
الناشر : http://www.qurancomplex.org - King Fahd Complex For Printing The Holy Quran Website
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1237
- الواجبات المتحتمات المعرفة على كل مسلم ومسلمةالواجبات المتحتمات المعرفة على كل مسلم ومسلمة: رسالة مختصرة ونفيسة تحتوي على الأصول الواجب على الإنسان معرفتها من معرفة العبد ربه, وأنواع العبادة التي أمر الله بها، ومعرفة العبد دينه، مع بيان شروط لا إله إلا الله، ثم بيان نواقض الإسلام، ثم بيان أقسام التوحيد مع ذكر ضده وهو الشرك، مع بيان أقسامه.
المؤلف : Abdullah Al-Qarawe
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
الناشر : A Dawah website Wathakker www.wathakker.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/383928