القرآن الكريم للجميع » تفسير ابن كثر » سورة هود
حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40) (هود) 

هَذِهِ مَوْعِدَة مِنْ اللَّه تَعَالَى لِنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَام إِذَا جَاءَ أَمْر اللَّه مِنْ الْأَمْطَار الْمُتَتَابِعَة وَالْهَتَانِ الَّذِي لَا يُقْلِع وَلَا يَفْتُر بَلْ هُوَ كَمَا قَالَ تَعَالَى " فَفَتَحْنَا أَبْوَاب السَّمَاء بِمَاءٍ مُنْهَمِر وَفَجَّرْنَا الْأَرْض عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْر قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَات أَلْوَاح وَدُسُر تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِمَنْ كَانَ كُفِرَ" وَأَمَّا قَوْله " وَفَارَ التَّنُّور " فَعَنْ اِبْن عَبَّاس التَّنُّور وَجْه الْأَرْض أَيْ صَارَتْ الْأَرْض عُيُونًا تَفُور حَتَّى فَارَ الْمَاء مِنْ التَّنَانِير الَّتِي هِيَ مَكَان النَّار صَارَتْ تَفُور مَاء وَهَذَا قَوْل جُمْهُور السَّلَف وَعُلَمَاء الْخَلَف وَعَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ التَّنُّور فَلَق الصُّبْح وَتَنْوِير الْفَجْر وَهُوَ ضِيَاؤُهُ وَإِشْرَاقه وَالْأَوَّل أَظْهَر وَقَالَ مُجَاهِد وَالشَّعْبِيّ كَانَ هَذَا التَّنُّور بِالْكُوفَةِ وَعَنْ اِبْن عَبَّاس عَيْن بِالْهِنْدِ وَعَنْ قَتَادَة عَيْن بِالْجَزِيرَةِ يُقَال لَهَا عَيْن الْوَرْدَة وَهَذِهِ أَقْوَال غَرِيبَة فَحِينَئِذٍ أَمَرَ اللَّه نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَام أَنْ يَحْمِل مَعَهُ فِي السَّفِينَة مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ مِنْ صُنُوف الْمَخْلُوقَات ذَوَات الْأَرْوَاح قِيلَ وَغَيْرهَا مِنْ النَّبَاتَات اِثْنَيْنِ ذَكَرًا وَأُنْثَى فَقِيلَ كَانَ أَوَّل مَنْ أُدْخِل مِنْ الطُّيُور الدُّرَّة وَآخِر مَنْ أُدْخِلَ مِنْ الْحَيَوَانَات الْحِمَار فَتَعَلَّقَ إِبْلِيس بِذَنَبِهِ وَجَعَلَ يُرِيد أَنْ يَنْهَض فَيُثْقِلهُ إِبْلِيس وَهُوَ مُتَعَلِّق بِذَنَبِهِ فَجَعَلَ يَقُول لَهُ نُوح عَلَيْهِ السَّلَام : مَالَك وَيْحك اُدْخُلْ فَيَنْهَض وَلَا يَقْدِر فَقَالَ اُدْخُلْ وَإِنْ كَانَ إِبْلِيس مَعَك فَدَخَلَا فِي السَّفِينَة ; وَذَكَرَ بَعْض السَّلَف أَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَحْمِلُوا مَعَهُمْ الْأَسَد حَتَّى أُلْقِيَتْ عَلَيْهِ الْحُمَّى . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح كَاتِب اللَّيْث حَدَّثَنِي اللَّيْث حَدَّثَنِي هِشَام بْن سَعْد عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَمَّا حَمَلَ نُوح فِي السَّفِينَة مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ قَالَ أَصْحَابه وَكَيْف تَطْمَئِنّ الْمَوَاشِي وَمَعَهَا الْأَسَد ؟ فَسَلَّطَ اللَّه عَلَيْهِ الْحُمَّى فَكَانَتْ أَوَّل حُمَّى نَزَلَتْ فِي الْأَرْض ثُمَّ شَكَوْا الْفَأْرَة فَقَالُوا الْفُوَيْسِقَة تُفْسِد عَلَيْنَا طَعَامنَا وَمَتَاعنَا فَأَوْحَى اللَّه إِلَى الْأَسَد فَعَطَسَ فَخَرَجَتْ الْهِرَّة مِنْهُ فَتَخَبَّأَتْ الْفَأْرَة مِنْهَا " . وَقَوْله" وَأَهْلَك إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْل " أَيْ وَاحْمِلْ فِيهَا أَهْلَك وَهُمْ أَهْل بَيْته وَقَرَابَته إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْل مِنْهُمْ مِمَّنْ لَمْ يُؤْمِن بِاَللَّهِ فَكَانَ مِنْهُمْ اِبْنه يَام الَّذِي اِنْعَزَلَ وَحْده وَامْرَأَة نُوح وَكَانَتْ كَافِرَة بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَقَوْله " وَمَنْ آمَنَ " أَيْ مِنْ قَوْمك " وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيل " أَيْ نَزْر يَسِير مَعَ طُول الْمُدَّة وَالْمُقَام بَيْن أَظْهَرهُمْ أَلْف سَنَة إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَعَنْ اِبْن عَبَّاس كَانُوا ثَمَانِينَ نَفْسًا مِنْهُمْ نِسَاؤُهُمْ وَعَنْ كَعْب الْأَحْبَار كَانُوا اِثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ نَفْسًا وَقِيلَ كَانُوا عَشْرَة , وَقِيلَ إِنَّمَا كَانَ نُوح وَبَنُوهُ الثَّلَاثَة سَام وَحَام وَيَافِث وَكَنَائِنه الْأَرْبَع نِسَاء هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة وَامْرَأَة يَام وَقِيلَ بَلْ اِمْرَأَة نُوح كَانَتْ مَعَهُمْ فِي السَّفِينَة وَهَذَا فِيهِ نَظَر بَلْ الظَّاهِر أَنَّهَا هَلَكَتْ لِأَنَّهَا كَانَتْ عَلَى دِين قَوْمهَا فَأَصَابَهَا مَا أَصَابَهُمْ كَمَا أَصَابَ اِمْرَأَة لُوط مَا أَصَابَ قَوْمهَا وَاَللَّه أَعْلَم وَأَحْكَم .
كتب عشوائيه
- آداب المسلم يوم الجمعةآداب المسلم يوم الجمعة: في هذه الرسالة بيان مكانة يوم الجمعة في الإسلام وفضائله ومزاياه على بقية الأيام، وما ورد بشأنه والاستعداد له بالطاعات المتنوعة، وما ينبغي على المسلم التزامه في هذا اليوم، وفي خطبة الجمعة، وما إلى ذلك.
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/322101
- كيف نستقبل رمضان؟كيف نستقبل رمضان؟: هذا الكتاب يُوضِّح فضل شهر رمضان, ويُوضِّح أهمية اغتنام المسلم لمواسم العبادة بكل حرص, واستعداده لقيام أعمال الخير, وأن يعزم على التوبة إلى الله توبةً نصوحًا, وينوي نية صادقة على أن يغير أحواله في شهر رمضان وما بعده.
المؤلف : Mohammed Al-Hashmi Mustafa
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
الناشر : Cooperative Office for Propagation, Guidance, and Warning of Expatriates in the city of Albatha - A website Islamic Library www.islamicbook.ws
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/328619
- اعرف النبي صلى الله عليه و سلماعرف النبي صلى الله عليه و سلم: مجموعة من المقالات لمشايخ و طلاب علم مثل الشيخ يوسف استس، صلاح الصاوي، جاسم المطوع و غيرهم. تتناول حياة النبي صلى الله عليه و سلم و التعريف به
الناشر : http://www.al-jumuah.com - Al-Jumuah Magazine Website
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/75591
- هل بشر الكتاب المقدس بمحمد صلى الله عليه وسلم ؟هل بشر الكتاب المقدس بمحمد صلى الله عليه وسلم ؟ : يقول الله تعالى في كتابه الكريم { وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدى اسمه أحمد }. الصف:6 والنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - هو النبي الوحيد الذي أرسل بعد عيسى - عليه السلام -، ولا يعترف النصارى بأن هناك نبي أتى من بعد عيسى - عليه السلام -؛ ونحن الآن بصدد إثبات أن عيسى المسيح وموسى - عليهما السلام - قد بشرا برسول سوف يأتي من بعدهما، وسيكون ذلك أيضا من بين نصوص الكتاب المقدس كما بينه هذا الكتاب المبارك الذي يصلح أن يكون هدية لكل نصراني ويهودي...
المؤلف : Munqith ibn Mahmood As-Saqqar
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/178683
- توجيهات للصائمينتوجيهات للصائمين: رسالة تحدث فيها الشيخ - رحمه الله - عن استغلال هذا الشهر الكريم, ليُحقِّق المسلم فيه أقصى استفادة ممكنة, عبر الحديث عن روح العبادات والطاعات المختلفة التي نؤديها في رمضان, لتنمو قابلية الطاعة فينا, فتتحول إلى سجية بعد رمضان.
المؤلف : Muhammad ibn Saleh al-Othaimeen
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
الناشر : A website Islamic Library www.islamicbook.ws
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/328722